منع التصعيد على خلفية تزامن الأعياد في فترة التوتر
نيسان – أيار 2022
نحن الآن في فترة توتر يسود فيها الخوف من تصعيد في العلاقات بين اليهود والعرب الفلسطينيين في إسرائيل. فترات التوتر المصحوبة بالقلق والتخوف هي فترات اختبار للمجتمع الإسرائيلي. بشكل عام، تقاس قدرة المجتمع على العمل والاستمرار في عيش حياة روتينية رغم الخوف في مثل هذه الفترات. والآن أيضاً نحن مطالبون بالقيام بذلك مع التذويت أنه في أوقات الأزمات يكون هناك تأثير طويل الأجل على العلاقات بين المجتمعات.
خلال الأشهر المقبلة، في شهر نيسان وأيار 2022، سيحتفل كل من المجتمع العربي الفلسطيني والمجتمع اليهودي بالأعياد والأيام المهمة لهم. كما سيحّل شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الفصح اليهودي وعيد الفصح المسيحي وعيد النبي شعيب للدروز خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى أيام الذكرى والأعياد القومية بما في ذلك يوم ذكرى المحرقة ويوم الذكرى، ويوم القدس ويوم الاستقلال ويوم النكبة.
بطبيعة الحال، سترغب كل مجموعة بالاحتفال بأيامها وفقًا لتقاليدها، وفي بعض الأحيان قد يؤدي التداخل بين التواريخ المهمة للمجموعات المختلفة إلى إثارة حساسية وتوتر خاصين.
بالإضافة إلى ذلك، وخلال شهر رمضان المبارك يأم المسجد الأقصى في القدس جماهير غفيره من المصلين من جميع أنحاء البلاد، وتقام صلاة “التراويح” الخاصة يوميًا في جميع المساجد، بما في ذلك مساجد المدن المختلطة. كما ويزور المسيحيون واليهود القدس أيضًا خلال هذه الفترة ويقومون بالحج إليها في عيد البيسح (الفصح اليهودي) وعيد الفصح المسيحي، وقد يكون اللقاء بين المجموعات متوتراً، حيث تزداد الحساسية الدينية خلال هذه الفترة بسبب رغبة كل جماعة في الاحتفال بأعيادها وأيامها دون ازعاج. قد تتجلى هذه الحساسية في عدم التسامح مع العادات والتقاليد الأخرى في الحيّز العام.
نظرًا لأننا جميعًا مهتمون بالحفاظ على روتين الحياة في جميع أنحاء البلاد، وفي المدن والمناطق المختلطة على وجه الخصوص (بما في ذلك أماكن العمل والحرم الجامعي وبشكل عام في الأماكن العامة المشتركة) – يتطلب هذا الامر تفكيرًا وعملًا استباقيًا من شأنه أن يقلل من التأثير السلبي.
التداخل بين بعض الأعياد هذا العام معروف سلفًا: حيث أن عيد الفطر سيتزامن مع يوم الذكرى لضحايا “معارك إسرائيل والأعمال العدائية”، منذ ساعات مساء يوم 3.5.2022 وحتى مساء يوم 4.5.2022. لذلك من المتوقع أن تكون هناك حساسية خاصة في اليوم الأخير من عيد الفطر، والذي يصادف يوم ذكرى ضحايا الجيش الإسرائيلي، في 4.5.2022. عيد الفطر الذي يستمر 3 أيام، يتسم بالاحتفال والبهجة وكذلك تقام الوجبات مع الأقارب والأصدقاء. وبخلافه، يعتبر يوم الذكرى يوم حداد وطني تقام فيه مراسيم عامة، والمشاركة في النصب التذكارية في المقابر تخليدًا لذكرى الأصدقاء والأقارب الذين فقدوا أرواحهم، ويتسم بالحزن وضبط النفس. إن التزامن بين يوم الحداد على خلفية وطنية، وعيد ديني سعيد، يمكن أن يخلق صراعًا على المستوى العاطفي وعلى مستوى السلوك في الحيّز العام بين المجتمعين.
في ظل موجة العنف الحالية والتعميم والشمولية في وسائل الإعلام والسياسة والشبكات الاجتماعية تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين فإن حقيقة خروج العديد من العائلات العربية إلى الطبيعة في عيد الفطر، وازدياد حضور المواطنين العرب في الحيز العام، قد يثير بالتالي مشاعر الخوف بسبب انعدام الحوار والتعارف.
من المؤكد أن هذا تحد لا ينبغي الاستهانة به، ولكن هناك بالتأكيد شيء يجب القيام به. نقطة البداية في التعامل مع الموقف هي الفهم والاعتراف بأن الشعبين لهما روايات مختلفة وتقاليد مختلفة تؤثر أيضًا على التجربة الشخصية والتفسير المعطى للواقع.
يعتبر التعرف على الروايات المختلفة، حتى بدون التضامن معها، شرطًا مهمًا لخلق مساحة تحترم مشاعر جميع المواطنين، يهودًا وعربًا. وهذه المساحة بدورها ضرورية لتمرير هذه الأيام بسلام وهدوء.
في فترات توتر بين المجتمعات، مثل هذه الفترة اليوم، من الضروري أن يتحدث كبار المسؤولين في المدن والمؤسسات والمنظمات عن شرعية كل مجموعة للتعبير عن هويتها وعاداتها، مع إعطاء مساحة واحترام لأفراد المجتمع الآخر. يجب عليهم خلق مساحة آمنة لعامة الناس في إسرائيل ومجتمعاتها المختلفة. رؤساء البلديات والمسؤولون المنتخبون ورجال الدين ومدراء المدارس ورؤساء الأقسام المحلية ومسؤولو المراكز الجماهيرية ورؤساء الجامعات والكليات ومديرو نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم – يمكنهم وينبغي عليهم بث رسائل الثقة والأمن التي تزيد من الشعور من الانتماء والعدل والتضامن والتعاطف.
التصريحات الإيجابية المقربّة من الشخصيات العامة العربية واليهودية في وسائل الإعلام ، وإفساح المجال لرموز جميع الأديان في الأماكن العامة في السلطات المحلية المختلطة، والدعوة للتضامن على الشبكات الاجتماعية، ونشر أفلام فيديو تحمل رسالة شراكة بين التربويين وموظفي الجهاز الصحي، وتشجيع لقاءات الحوار، وجهوزية البلديات لزيادة الأمن لجميع السكان بحساسية، والمزيد من النشاطات، كل هذا سيسمح لكل مجموعة بالتعبير عن معتقداتها على النحو الذي تراه مناسبًا، وبالتالي تخفيف الشعور بالخوف وعدم اليقين، و المساعدة في الخروج من الأزمة بسرعة وحتى منعها. تُظهر التجربة أن الإجراءات الاستباقية من قبل القادة لها تأثير إيجابي على الواقع وحتى أن بإمكانها أن تمنع التصعيد.