
موعد إضافي لتصحيح سياسة الاقصاء
الدكتور ثابت أبو راس وأمنون بئيري-سوليتسيانو، مديران عامان مشاركان، مبادرات ابراهيم
المعركة الانتخابية القريبة في شهر أيلول هي موعد إضافي للإمتحان مع مواد مفتوحة، وممنوع للمعسكر الديمقراطي الفشل به. ولعدم الفشل هذه المرة يجب تصحيح الخطأ الأكبر في المعركة الانتخابية الأخيرة – إقصاء الجمهور العربي من الحوار السياسي.
رأينا في هذه المعركة إنخفاض منقطع النظير في نسبة التصويت في المجتمع العربي وصلت الى أقل من 50%. ومن هذا الانخفاض عانت الأحزاب العربية، وكذلك أحزاب اليسار-المركز، حيث فقدوا الناخبين والمقاعد التي كان بالإمكان الوصول إليهم لو كانت نسبة المشاركة في التصويت تساوي نسبة الجمهور العام. هبطت قوة الأحزاب العربية بثلاثة مقاعد في الكنيست، وإذا لم يكن هذا التراجع الكبير، فربما كنا في صورة مختلفة تمامًا عن القوى البرلمانية اليوم، وربما تم تجنب الانتخابات المتكررة.
يمكن أن يُنسب الانخفاض في نسبة التصويت إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك أزمة الثقة بين الجمهور العربي وقادته، بالإضافة إلى استجابة غريزية لتفكيك “القائمة المشتركة”، بعد معارك الكبرياء (ألأنا) الصغيرة بين مركباتها، مسّت عميقاً في الرغبة للخروج والاقتراع. بالنظر إلى الاحتمالية الكبيرة لجمع شمل القوائم العربية في قائمة مشتركة، من المتوقع حل هذه المشكلة في الحملة الانتخابية المقبلة. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الآثار السلبية لإقصاء العرب من الخطاب السياسي. يمكن تقدير مدى هذا التأثير من خلال نتائج الاستطلاع الذي أجريناه في “مبادرات إبراهيم” مع بداية الحملة الانتخابية للكنيست الحادية والعشرين بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت بواسطة معهد يافا.
وفقًا لهذا الاستطلاع، فإن حوالي 35٪ من المجيبين الذين أعلنوا مسبقًا أنهم لن يصوتوا – فعلوا ذلك بسبب الإحساس بالاستبعاد من مراكز صنع القرار: عدم الإيمان بقدرتهم على التأثير أو غياب حزب يهودي-عربي مشترك أو عدم الثقة في الديمقراطية الإسرائيلية.
في الواقع، مع تقدم الحملة الانتخابية، تم الحفاظ على هذا الوضع، وحتى النهاية لم نسمع أي شخص تظاهر بأنه بديل “لتدفق العرب إلى صناديق الاقتراع” وفق نتانياهو، ويمد يده الى العرب. هذا على الرغم من حقيقة أنه على طول الطريق كان من الواضح أنه بدون كتلة حاسمة لم يكن لدى غانتس أي وسيلة لتشكيل حكومة. تبعا لذلك، رأينا في صناديق الاقتراع نتائج خيبة أمل الجمهور العربي من سياسة الإقصاء. ينعكس هذا في حقيقة أن الأحزاب اليهودية اختارت أن تعّرف نفسها كأحزاب صهيونية (وبالتالي، استبعاد العرب من صفوفهم)، وإلى الرفض المبدئي للأحزاب العربية من خلال القيادة العربية الأساسية من المشاركة في الائتلاف.
بالإضافة إلى التكتيكات السياسية الخاطئة التي اختارها اليسار-المركز الصهيوني لإقصاء الأحزاب العربية بحجة أنها ليست صهيونية، هناك أيضًا عمل عنصري مخالف للمبادئ الأساسية للديمقراطية. فلم يخطر على بال أحد إلغاء فكرة الجلوس مع الأحزاب المتدينة (الحريديم) المعادية للصهيونية.
والآن، وبعد تواجد موعداً إضافياً للمعسكر الديمقراطي، فقد حان الوقت لتغيير الاتجاه – لإشراك جميع القوى التي تطمح إلى المساواة الكاملة، وخاصة العرب، في خطاب التحالف، وخلق شراكة حقيقية مع قادتهم.
ونحن نعلم أنه يمكن حدوث هذا الأمر. لأنه حدث في السابق، عندما اعتمدت حكومة رابين على الأحزاب العربية ككتلة حاسمة. الامر يحدث أيضاً هذا اليوم، على المستوى البلدي، في جميع المدن المختلطة: اللد، وعكا، وحيفا، وتل أبيب-يافا، ومعالوت ترشيحا والناصرة العليا- وفي جميعها يوجد تحالفات مشتركة، بما في ذلك ممثلو الأحزاب العربية.
ويرأس الكثير منهم رؤساء بلديات يمثلون أحزابًا يمينية. بالإضافة إلى ذلك، بعيدًا عن العين، يجب ذكر التحالف في هستدروت الجبهة مع مجموعة من الأحزاب، بما في ذلك حزب العمل والليكود وشاس.
نجاح هذا النموذج هو مثال واضح للتغيرات التي تحدث في المجتمع العربي. الجيل الجديد في المجتمع العربي ، المثقف والمدرك – أكثر من سابقيه – لحقوقه ، يطالب بالمساواة والدمج، والمشاركة والشراكة في الحياة السياسية. وإذا كان ذلك ناجحًا في الساحات السياسية الأخرى، يسأل المواطن العربي العادي: لماذا لا ينجح في الكنيست والحكومة؟ لكن في هذه الساحة الأهم -السياسة القطرية- تبدو هذه الشراكة بعيدة جدًا.
يرغب المواطنون العرب بالسياسة النشطة والمنتجة، والتي ستحسّن حياتهم ووضعهم. يتطلب هذا النوع من السياسة استعدادًا للانسحاب من المألوف، و”لعب اللعبة” وعدم قبول دور معارضة المتذمرة الأبدية. بالنسبة للمواطنين العرب، ينبغي أن تقوم الشراكة اليهودية العربية على القيم الإنسانية وإلغاء قانون القومية والمساواة الكاملة وتعزيز السلام بين دولتهم وشعبهم الفلسطيني، على أساس إقامة دولتين مستقلتين وذات سيادة.
بعد 71 عامًا من سياسة الفصل، وبعد عدم مشاركة نصف المواطنين العرب في الانتخابات الأخيرة، حان الوقت لتجربة سياسة الشراكة اليهودية العربية، التي تركز على المواطنة الإسرائيلية، المتساوية والكاملة.